تحليل .. الإسرائيليون والفلسطينيون يدرسون ثمن الفشل

الاســـم:	779126-01-08-730x514.jpg
المشاهدات: 504
الحجـــم:	61.2 كيلوبايت
القدس - كريسبيان بالمر- (رويترز) – رغم استمرار سعي الفلسطينيين والاسرائيليين للوصول إلى اتفاق سلام راوغهم كثيرا لانهاء صراعهم المستمر منذ عقود يعد الجانبان أنفسهم لاحتمالات الفشل.
وتجري منذ سنوات مناقشة أطر الاتفاق ويمكن ان تأخذ عواقب انهيار المحادثات عدة اشكال.
وحذر وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان انهيار المحادثات التي حاول دفعها دون كلل طوال الستة اشهر الماضية قد يؤدي الى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.
ويقول فلسطينيون انهم مستعدون لنقل نضالهم من اجل اقامة دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 الى المحكمة الجنائية الدولية في حالة فشل المحادثات.
وفي المقابل تعلق اسرائيل آمالها على الحفاظ على الامر الواقع معولة على اجراءات أمنية مضنية للتعامل مع صراع محدود متقطع وفي الوقت نفسه تستمر في التوسع في المستوطنات في الضفة الغربية وان كان من الممكن ان تأخذ خطوات منفردة من جانبها اذا انهار الحوار.
ومهما حدث سيعاني الجانبان من تبعات مالية اذا لم يتوصلا الى طريقة لتقسيم الارض التي يطالب كل منهما بأحقيته فيها مع تعرض النموذج الذي ترسخ منذ فترة طويلة لعملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الى ضربة عنيفة.
وقال دبلوماسي غربي يعمل في تل ابيب طلب عدم نشر اسمه لانه غير مفوض بالتحدث مع وسائل الاعلام “اذا فشلت هذه المحاولة لا تنتظر من الولايات المتحدة ان تعود لتحمل المزيد من الالم، ليس قبل وقت طويل جدا.”
ولايزال قلة من الدبلوماسيين يأملون ان يتحدى كيري المتشائمين بما يضمن التوصل على الاقل لاطار اتفاق في الاسابيع القادمة يسمح باستمرار المحادثات التفصيلية بعد المهلة الزمنية الاصلية المحددة للمحادثات وهي تسعة أشهر والتي تنتهي في 29 ابريل المقبل.
ورغم اختلاف شديد بشأن قضايا رئيسية منها الحدود والامن وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ووضع القدس يتفق كثير من الفلسطينيين والاسرائيليين على أن هذه المحادثات لن تصل الى شيء.
وقال محمد أشتية الذي استقال من فريق المفاوضين الفلسطيني العام الماضي احتجاجا على اعلانات اسرائيلية متلاحقة للبناء الاستيطاني الجديد في الارض المحتلة “المفاوضات الجارية، تتجه الى الفشل ولن تمدد يوما آخر بعد موعد انتهائها في 29 ابريل.”
بدء لعبة القاء المسؤولية

منذ بدأت المحادثات في يوليو الماضي كشفت اسرائيل عن خطط لبناء 5349 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهي اراض يطالب بها الفلسطينيون لدولتهم المستقبلية.
وحذر سفير الاتحاد الاوروبي لدى اسرائيل لارس فابورج اندرسون من ان هذا التوسع السريع يعني ان اسرائيل هي التي سيقع عليها اللوم اذا انهارت المفاوضات.
وقال الاسبوع الماضي “أخشى ان ما ستتمخض عنه الاوضاع هو ان تجد اسرائيل نفسها معزولة بدرجة كبيرة.” وأضاف أن المستوطنات لم “يكن لها تأثير جيد على الرأي العام ولا على الطبقة السياسية في اوروبا.”
وأعلن صندوق هولندي لمعاشات التقاعد هذا الشهر انه سيسحب أمواله من خمسة بنوك اسرائيلية بسبب عملها في المستوطنات بينما قامت شركة خدمات هولندية كبيرة بقطع صلاتها بهيئة المياه الاسرائيلية بسبب أنشطتها في الضفة الغربية.
ويخشى الاسرائيليون ان يكلفهم عدم رضاء الاوروبيين الكثير خاصة وان حجم التجارة المشتركة مع الاتحاد الاوروبي يصل الى 30 مليار يورو (41 مليار دولار).
وقال الان بيكر المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية وسفير اسرائيل السابق لدى كندا “الموقف يمكن ان يصبح غير مرض بالنسبة لنا لان الاوروبيين عازمون فيما يبدو على إلقاء اللوم على اسرائيل مهما كان الامر.”
واستطرد “الامر لن يؤدي الى الاعاقة لكن من وجهة النظر الدعائية سيكون له ديناميكيته الخاصة وستكون سلبية.”
ولنفس السبب حذر الاتحاد الاوروبي الفلسطينيين المعتمدين على المساعدات من انه قد يخفض المليار يورو التي يسلمها لهم كل عام وهي اموال ضرورية للسلطة الفلسطينية اذا تجاهلوا مبادرة وزير الخارجية الامريكي.
والمخاطر ستكون كبيرة ايضا اذا دخلت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما في لعبة إلقاء اللوم هذه لكن اي تحرك لالقاء المسؤولية على اسرائيل وحدها سيثير غضب الكونجرس الامريكي الموالي لاسرائيل. وهذا يعني ان المساعدات السنوية التي تقدمها الولايات المتحدة لاسرائيل وقيمتها ثلاثة مليارات دولار ستظل دون مساس على الارجح.
الخطة البديلةيرى زعيم المعارضة الاسرائيلية اسحق هرتزوج الذي يرأس حزب العمل المعتدل ان التهديد بقيود اقتصادية من جانب الاتحاد الاوروبي يجب ان يقنع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحاجة الى تقديم تنازلات قوية يتطلبها السلام.
ورغم ذلك قال هرتزوج للصحفيين الاسبوع الماضي إنه على اسرائيل ان تعد “الخطة ب” في حالة فشل المحادثات.
وقال هرتزوج “بشكل عام تتضمن الخطة ب خطوات محددة تشجع المستوطنين على العودة إلى ديارهم من خلال التشريع وخطوات مشجعة أخرى ووضع خريطة جديدة لمزيد من عمليات اعادة الانتشار” مشيرا إلى امكانية قيام اسرائيل في يوم ما بتحديد حدودها بشكل منفرد.وسيكون هذا مثيرا للجدل وغير مرجح على الاطلاق على المدى القصير. ويقول دعاة السلام انه على اسرائيل ان تتراجع عن احتلالها للضفة الغربية التي يعيش فيها نحو 2.5 مليون فلسطيني اذا ارادت ان تحافظ على مبادئها الصهيونية.
وقال كيري في مؤتمر دافوس الاسبوع الماضي “إذا فشلت المحادثات فإن العامل السكاني سيجعل من المستحيل على اسرائيل الحفاظ على مستقبلها كدولة يهودية ديمقراطية” مشيرا إلى النمو السكاني القوي للفلسطينيين.
وتزعم الجماعات المؤيدة للاستيطان وجود روابط تاريخية وتوراتية بالارض المحتلة. وهي ترفض اي اتفاق سلام يؤدي الى خروج أي من المستوطنين الذي يزيد عددهم على 500 ألف مستوطن.
وفي مواجهة النفوذ المتزايد للمستوطنين يتحدث بعض المسؤولين الفلسطينيين في الضفة الغربية عن الحاجة إلى العودة إلى “المقاومة” بعد سنوات من التعاون مع اسرائيل.
وقال توفيق الطيراوي العضو البارز في حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقناة (الميادين) اللبنانية الاسبوع الماضي ان الفلسطينيين لن يحصلوا على الاستقلال حتى بعد 20 عاما ودعا الى “المقاومة” بكل اشكالها.وحين طلب منه تفسير ما يعني بتصريحاته هذه قال إن “الصمود” هو شكل من أشكال المقاومة والمفاوضات أيضا شكل من اشكال المقاومة لكن يجب ان يكون هناك شيء على الارض أيضا مثل السلاح والمقاومة الشعبية فهناك مئات الطرق للمقاومة.
وينظر الى انهيار محادثات السلام السابقة التي رعتها الولايات المتحدة في يوليو عام 2000 على انه كان عاملا اساسيا لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعد شهرين فقط من توقف المحادثات. واستمرت الانتفاضة أكثر من أربع سنوات قتل خلالها اكثر من 4000 فلسطيني وألف اسرائيلي ودمرت الاقتصاد والبنية التحتية للمدن والبلدات الفلسطينية.
واعتبر هذا الصراع على نطاق واسع انه كان كارثة على الفلسطينيين ولا تتردد دعوة الطيراوي لحمل السلاح بشكل واسع في الدائرة المصغرة المقربة من عباس.
وبدلا من ذلك يقول مسؤولون فلسطينيون إنهم سيملأون الفراغ الذي ستخلفه عملية السلام الفاشلة بجهود منسقة للانضمام إلى عدد من الهيئات الدولية يستطيعون من خلالها ملاحقة اسرائيل بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.
وهدد الفلسطينيون طويلا باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية ويقولون إن المستوطنات الاسرائيلية تشكل جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
وليس من الواضح ما إذا كانت المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها ستقبل القضية نظرا لان فلسطين لا تتمتع بعضوية كاملة في الامم المتحدة. ويقول الفلسطينيون ان من المهم مواصلة نوع من الضغط على اسرائيل المتفوقة عسكريا في حالة فشل مهمة كيري.
وقال المفاوض الفلسطيني السابق أشتية “القيادة الفلسطينية ستتوجه الى الامم المتحدة لمقاضاة اسرائيل عن جرائمها في حالة فشل المفاوضات” وصرح بأن الرئيس الفلسطيني أخطأ حين لم يفعل ذلك في وقت مبكر. واستطرد “سنصحح هذا الخطأ.”