هل تساعد في التخلص من الديون أم ستدفع إليها؟ -
الشباب يخططون للزواج وإكمال الدراسة والدخول في مشاريع استثمارية -
استطلاع: خلود الفزارية -
في الوقت الذي استلم فيه موظفو القطاع المدني رواتبهم الجديدة بعد التعديل الذي تم بعد توحيد جدول الدرجات والرواتب وأدى إلى ارتفاع نسبي في أجور العديد من العاملين في القطاع الحكومي، والذين أبدوا فرحتهم بالزيادة مع تخوف من ارتفاع الأسعار لكنهم شددوا على الجهات المعنية بشأن منع استغلال إصدار الجدول الموحد واعتباره مبررا لرفع الأسعار.
وانصبت تطلعات الموظفين رهنا بحجم الزيادة نحو تعديل اوضاعهم المادية من خلال التخلص من الديون، واستثمار ما يمكن في جانب التطوير الدراسي والثقافي والأسري والصحي والاقتصادي وكذلك الشروع في استثمارات مستقبلية فيما تبقى مشاريع البعض مؤجلة نظرا لمحدودية الزيادة التي لا تمثل فارقا كبيرا.
«$» تستطلع آراء مجموعة من العاملين في القطاع الحكومي وتتعرف على خططهم وتطلعاتهم….
مرضية جدا
يقول عبدالله العجمي موظف بديوان البلاط السلطاني: جميع الموظفين سعداء بزيادة الرواتب إلا أنها قد تكون مرضية للبعض وغير مرضية للبعض الآخر، وبالنسبة لي هي مرضية جدا، وأفكر باستثمارها في جمعية لأحصل على مبلغ يمكن أن أستثمره لشراء قطعة أرض أو القيام بمشروع مدروس أو يمكن استثماره في التطوير الشخصي كإكمال الدراسة على سبيل المثال.
وربما تختلف العقليات في الاستفادة من الزيادة في الراتب حيث يستثمرها البعض بطريقة جيدة وسيستخدمها آخرون في أشياء وقتية كأن يفكر في استبدال سيارته أو شراء سيارة أخرى أو يسافر لأسبوع عوضا عن الاستثمار للقادم وما يعود عليه بالفائدة، بمعنى أنه يستخدمها فيما يتعلق بالترف.
وينظر العجمي الى أن زيادة الرواتب ستؤدي إلى الاستقرار الأسري وخفض نسبة العنوسة حيث سيكون الشاب قادرا على تكوين نفسه وبالتالي معالجة الأمور الأسرية، ومن جانب آخر فستنعش الاقتصاد لأن المبالغ ستصرف داخل البلد، كما أنها ستفيد المشاريع الصغيرة والمتوسطة، عندما يتوجه الشباب لاستثمارها في هذا الجانب.
رؤية مستقبلية
ويقول أحمد الصباري موظف بوزارة الإسكان: زيادة الرواتب ستسهم في تحسين المستوى المعيشي للأفراد، ويمكن استثمارها في البناء والتعليم وفي الثقافة والصحة والاقتصاد، أو في التطوير لنظرة مستقبلية.
وقال: من الآثار التي بدأت بعد إعلان الزيادة ارتفاع الأسعار حيث لمسناها في المواد الاستهلاكية وخصوصا الأسماك، لذلك فهي تحتاج إلى رقابة وتوعية إضافة إلى أهمية وعي وإرشاد المستهلكين.
مضيفا أن معدل الزيادة بين الموظفين تراوحت بين 100 إلى 400 ريال وهي نسبة جيدة ينبغي التصرف فيها الوجه الصحيح، والمعروف أن الأسر العمانية مستهلكة ولا تفكر بالادخار وهذا أمر سلبي ويجب على كل فرد التفكير برؤية مستقبلية والاستثمار والتخطيط بشكل اقتصادي.
تلهف للزيادة المنتظرة
وتقول رحمة الحراصية موظفة بجامعة السلطان قابوس: سأوظف الزيادة بطريقة صحية، والتصرف في العادة يعتمد على شخصية الشاب نفسه، وعلى حالته الاجتماعية أيضا، فالشاب الأعزب سيستغل المبلغ بشكل مختلف عن الشاب المتزوج، والشاب الذي يجيد التخطيط ولديه نظرة مستقبلية سيفكر في استغلال مبلغ الزيادة بطريقة أفضل من ذلك الذي لا يهتم بأكثر من احتياجاته الحالية ولا يفكر في أكثر من يومه.
وبشكل عام أتوقع أن يقوم معظم الشباب بالمشاركة في جمعيات مالية، وبتسديد ما عليهم من قروض وأقساط، بينما سيقدم البعض على شراء هواتف جديدة وسيارات أو حتى أراض ومنازل. وفي المقابل أتوقع من بعض الأسر أن تقوم بزيادة مصروف البيت ومعدل الاستهلاك اليومي بشكل زائد عن الحاجة الأمر الذي سيجعل تلك الزيادة بلا نفع.
موضحة أن الهدف من تعديل جدول الدرجات والرواتب هو رضا الموظف ومن ثم انعكاس ذلك الرضا إيجابيا على مستوى أدائه اليومي، وقد لاحظت سعادة الكثير من الموظفين الحكوميين وتلهفهم للزيادة المنتظرة خاصة أولئك العاملين في قطاع الخدمة المدنية، ولكن هل سيحسن ذلك من مستوى أدائهم وسيشجعهم على بذل المزيد من الجهد في سبيل تطوير المنظومة والرقي بها.
مضيفة أن الزيادة ستشعل فتيل الأمل لدى كثير من الأسر التي تسعى إلى تعديل مستواها المادي، وكل ما أرجوه ألا يصاحب هذه الزيادة زيادة في الأسعار وإلا فإن القيمة الحقيقية للراتب لن تتغير بل ربما ستتناقص، كما أرجو أن تقوم شركات ومؤسسات القطاع الخاص بزيادة رواتب موظفيها وذلك تفاديا لحدوث فجوة بين الرواتب في القطاع الحكومي والرواتب في القطاع الخاص مما يؤدي إلى عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص في وقت أصبح هذا القطاع يمثل القناة الأساسية التي توفر الوظائف الجديدة للشباب.
تهيئة حياة كريمة
ويقول يوسف البلوشي موظف بديوان البلاط السلطاني: توحيد جدول الرواتب يعود بالفائدة على كل موظف بالقطاع المدني دون استثناء. فالزيادة ترفع من معدل دخل الفرد مما يسهم في تهيئة حياة كريمة له.
وأرى أن الزيادة ستمكنني من الاستقرار من خلال تكوين أسرة بدون تردد ومخاوف سابقة حول صعوبة تحمل تكاليف الحياة الشاقة. وستكون لدي القدرة على استثمار دخلي المادي بالشروع في نشاط تجاري يزيد من الدخل ويؤمن الحياة الكريمة لي ولأسرتي في المستقبل.
وستسهم الزيادة في تخلص الشباب العماني من الديون البنكية التي كانت تشكل حاجزا يعيق تقدمهم وتحقيق طموحاتهم الحياتية كما ستنعش الاقتصاد بالسلطنة وتنمي المشاريع الصغيرة مما يجعل المجتمع العماني مجتمعا سعيدا هانئا بالراحة والحياة الكريمة تحت ظل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه.
تغيير مسار الصرف
رقية الخربوشية معلمة بمدرسة للتعليم الأساسي تقول: شكر النعمة يكون بحسن التصرف بها، لذلك أرى انه من المفترض على كل موظف شملته هذه الزيادة أن يحسن التصرف فالله يحب المحسنين، وأنا أفكر في تغيير مسار الصرف عندي جذريا فبعدما كانت تشمل نفسي والأهل سيكون هناك نصيب للمشاريع الخيرية والتنموية التي تخدم بلدنا الحبيب وكذلك لابد ان يكون هناك ادخار مدروس ومتوازن عن طريق الجمعيات لأن هذا من شأنه أن يساعد الفرد على الادخار بطريقة تضمن له الثبات والاستقرار.
وتضيف: أتوقع أن تظهر فئتان فئة قد لا تحسن التصرف وستلهو وتبعثر مالها في تبديل وتغيير السيارات والهواتف والملابس، وهناك فئة أخرى ستدرك قيمة هذه النعمة وستحسن التصرف وتحاول جاهدة الموازنة في شتى مجالات الحياة، وأرى ان هذه الزيادة ستعود بالنفع الكبير الملموس على المجتمع حيث ستقل القروض الربوية ومتاعب الديون وستظهر الكثير من المشاريع التنموية والخدمية التي ستسهم بشكل فعال في خدمة المجتمع، وكذلك سيسعى كل مواطن جاهدا لتطوير قدراته من خلال اكمال دراسة أو توعية الفئة الأخرى.
رضا وظيفي
ويقول محمد الحراصي معلم بمدرسة للتعليم الأساسي: الجزء الأكبر من هذه الزيادة سأضيفه الى خطتي المالية لتوفير الاساسيات والتي تتمثل في بناء منزل في الفترة القادمة، في حين يذهب الجزء المتبقي في تلبية بعض الكماليات المهمة كشراء الكتب وتوفير احتياجات الاسرة الاخرى، كما اخطط لترك جزء ولو بسيط منها لدعم المشاريع والأفكار المجتمعية.
وفي رأيي فإن الفاصل الزمني بين إعلان الزيادة ووصولها سيكون كفيلا في اقناع الشباب بعدم التسرع في صرف هذه الزيادة لاسيما في امور مرهقة على المدى الطويل كشراء سيارات فارهة على سبيل المثال. واعتقد ان الغالبية ستصرفها في تحقيق مستلزمات اساسية وبتأن وخطة مالية غير مستعجلة. مؤكدا على ضرورة ان تؤدي بعض المؤسسات دوراً في توعية المجتمع بعدم الاندفاع نحو البنوك مثلا ووضع خطط مالية دقيقة ومريحة.
من جهة أخرى لاشك ان هذا الامر سيرافقه حركة اقتصادية ونشاط ملحوظ في الاسواق عموما وهو امر سينعكس على الافراد والحكومة، ومن المؤمل ايضا ان تساهم هذه الزيادة في احداث استقرار ورضا وظيفي لدى موظفي الخدمة المدنية وهو ما سينعكس ايجابيا على جودة العمل ومعدلات الابداع.
تكافل اجتماعي
وقال ناصر الصوافي موظف بوزارة التربية والتعليم: هناك عدة أوجه متقاربة في كيفية التصرف المنطقي بهذه الزيادة التي طرأت على الراتب، من بين تلك الأوجه زيادة المواد الاستهلاكية بشكل طفيف وهو ما يتناسب مع احتياجات المحيط الأسري الذي يعيله الشخص، وهناك فكرة الاشتراك في الجمعيات الأهلية مما يساهم في الترابط المجتمعي والذي بدوره يساهم في التسهيل للعديد من الشباب العماني في مشاريعهم الزوجية أو الاستثمارية على المدى البعيد.
مشيرا إلى وجود تباين واضح في طريقة الاستفادة من الزيادة لدى العديد الشباب، فربما عمل البعض على ادخار مبلغ بسيط في الماضي بطريقة شهرية ويفكر الآن في زيادة المبلغ الذي يدخره ﻷجل مسمى، وربما فئة أخرى ستحاول الاستفادة من هذه الزيادة في الدخول إلى عالم التجارة البسيطة نوعا من حتى يتهيؤوا إلى ما هو أكبر من ذلك مستقبلا ، أما بعض الشباب ربما سيتجه إلى تغيير بعض الممتلكات والمقتنيات الشخصية كالتغيير في نوعية السيارة وما شابه ذلك من ممتلكات أخرى.
ويضيف أن الأثر العائد على المجتمع من جراء هذه الزيادة إيجابي في المقام الأول وذلك لأنه حقق ما يتطلع إليه المواطنون منذ فترة بعيدة في زيادة الراتب، وهناك أسر تعاني عسر الحال من جراء زيادة أسعار المواد الاستهلاكية وزيادة الطلب عليها فحققت لها هذه الزيادة الاستقرار المادي الذي يدر عليهم المواد الاستهلاكية وغيرها من المقتنيات، وقد تكون أسر انتظرت طويلا حتى تزوج أبناؤها وقد تحقق هذه الزيادة ما كانت تصبو إليه منذ فترة والذي سوف يساهم في قيام العديد من الأسر مما يحقق التكافل الاجتماعي في المجتمع.
توعية للعقلية الاستهلاكية
من جانبه يوضح أحمد كشوب خبير اقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة الثقة الدولية للاستثمار أنه إذا أردنا أن ننظر للموظفين المستفيدين من الزيادة فنجدهم فئتين مختلفتين المتزوجين وغالبا ما تكون مثقلة بالديون والقروض والالتزامات لدى المصارف، وهذه ستفكر في كيفية تقليص الديون وإعادة جدولة الديون. أما غير المقترض وهو غير المتزوج فمن الممكن أن يفكر بالاقتراض ولكنه بحاجة إلى توجيه وكيف يوجه هذه الزيادة.
موضحا أن الموظفين يمكن تصنيفهم إلى من شعر بالفرق الكبير وهي الزيادة الكبيرة والمتوسطة وهناك من لم يحصل على زيادة سوى بقدر قليل. والتي تشعر بأن الزيادة كبيرة فربما ستتوجه للقرض الإسكاني لشراء أرض أو بناء منزل أو الاستثمار في عقار أو أوراق مالية.
أما الفئة الثالثة فهي المستهلكة التي لا تبني دراسات أو تخطط، وهذه الفئة أغلبها من الشباب ويجب على كل وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة توعية هذه الفئة. فمهما ارتفعت الزيادة يبقى الاستهلاك أكثر من الادخار، وهم للأسف يعيشون من غير التفكير في المستقبل، ولذلك نجدهم بحاجة إلى ثقافة في هذه الجزئية من خلال التثقيف المالي والتخطيط فأي فرد يجب أن يضع قاعدة أن يدخر ولو 5-10% من إجمالي دخله تحسبا لأي طارئ أو ظرف مستقبلي.
ويشير من ناحية الشق الاقتصادي الى ان الزيادة ستؤدي إلى انتعاش للاقتصاد في البلد وحركة في السوق من المستهلك، أما الجزء الاجتماعي فسيتوجه العزاب إلى الزواج. والناحية السلبية من الممكن أن تؤدي زيادة إلى عملية التضخم ويجب على الجهات المعنية المتابعة من هذا الجانب.