بلدية مسقط تنفي مسؤوليتها عن التخطـيط .. والإسكـان تلقي باللوم على زيـادة أعــــــــــــداد السيارات وعدم التزام أصحاب المباني -
تحقيق: خلود الفزارية -
تزدحم أزقة مسقط بالسيارات التي تبحث عن مواقف، وتغلق الطريق على السيارات الأخرى فينتج عنه بطء الحركة وتعطيل الناس عن مصالحهم وبالتالي يضيع أكثر من نصف اليوم في مشوار واحد لا يتعدى عشر دقائق في إنهائه. ونجد الزحام على المباني في أماكن حيوية والتي يحتاج إلى الوجود فيها معظم الناس سواء لإنهاء معاملات أم الشراء، وكذلك في المناطق السكنية الخالية من المحلات والمكاتب.
هذا الزحام يفقد الناس أعصابها، لأن السائق إذا لم يجد موقفا يضطر إلى إيقاف سيارته خلف السيارات الأخرى التي يجد صاحبها نفسه محاصرا ومضطرا لانتظار صاحب السيارة حتى عودته وربما تفوته مواعيد مهمة أو يتأخر عليها. أما السيارات التي تسد الطريق فتمنع السيارات الأخرى من المرور ويضطر السائق أحيانا إلى إيقاف سيارته على حافة الطريق وقد تمر عليه سيارة تخدش سيارته أو تأتي الشرطة تخالفه على وقوفه الخاطئ.
1388925527308139400
والمشكلة قائمة في مراكز المدن وفي المناطق التي يتوجه إليها الناس الذين ضاقوا بها ويطالبون بحل يخلصهم من هذا التزاحم ويوجد لهم حل ناجح يساعدهم على ممارسة يومهم بشكل عادي ومريح…
وفي جولة في أحد أحياء مسقط ومواقفها المكتظة توقفنا إلى عدد من سائقي المركبات الذين كانوا يبحثون عن موقف لسياراتهم، مستفهمين عن أسباب الزحام وعدم توفر المواقف في رأيهم. وحول ذلك يقول خميس القرني: سبب زحمة المواقف هو أن الطرق غير مهيئة لوقوف السيارات، وأعتقد أن المباني الجديدة توفر المواقف ولكن المشكلة في المباني القديمة، ولا أعتقد أن نجد حلا لها، ولكن يمكننا أن نتفادى الخطأ في المباني الجديدة ولكن مع مراقبة تشييد المباني ومتابعتها من قبل موظفين مختصين بذلك، والتأكيد على ضرورة توفير المواقف من خلال المخططات قبل الشروع بالبناء.
تعطيل عن الأعمال
عهود الغيثية تقول: دائما أتعرض للتعطيل بسبب عدم توفر المواقف، والزحمة تولد التأخير، والمشكلة دائما في المباني القديمة لأن تخطيط البناء لم يكن يضع في الحسبان الزحام المستقبلي، إلا أن الأمر قد تم تقنينه في المباني الجديدة، ونحن نطالب البلدية بوضع قانون يشدد على توفير المواقف وبإجراءات صارمة على المقاولين غير الملتزمين بقانون البناء والمخالفين لأنهم يتسببون بالضرر على المصالح العامة.
مخالفات مستمرة
ويرى حارث الكليبي أن المخططات الجديدة لا بد أن يتم توسيعها للقضاء على زحام المواقف، لأنها لا توفر المواقف لا للساكنين ولا الموظفين في الوقت الراهن. ويروي أنه تعرض للمخالفة أكثر من مرة بسبب عدم توفير المواقف، وأيضا تعرضت سيارته للخدوش، وعليه يقترح على البلدية بمتابعة كل بناء لضمان التزامه بتوفير المواقف، ومعرفة مدى التزام المقاولين بالقانون.
التشديد على المخططات
وتوضح نجاة النعمانية أن المشكلة تكمن في المباني القديمة التي تتسبب بتعطيل الحركة المرورية، حيث نجد السيارات تقف في كل مكان وتغلق جميع المنافذ، مشيرة بقولها: إلى إنه دائما أعود إلى سيارتي وأجد فيها مخالفة على الوقوف الخاطئ. مضيفة: إن المباني الجديدة لا توفر دائما المواقف وذلك يعود لإدارة كل مبنى، وأنا لكي أبحث عن موقف أدور حول المكان أكثر من مرة، ودائما ما أضطر للوقوف على الرصيف أو قفها في مكان لست متأكدة من السماح للوقوف فيه. وهذا يترتب عليه إما مخالفة أو إلحاق الضرر بالسيارة، ويتكرر بوجود خدوش. وللأسف المشكلة تعم جميع المباني لذلك نطالب البلدية بالتشديد على المخططات للتقليل من هذه الأزمة وتوفير مواقف خاصة في المناطق القديمة، وإلزام المباني الجديدة بتوفير طابق في كل مبنى لمواقف الموظفين على أقل تقدير.
مواقف مجانية
وتقترح د. بتول اللواتية أن تهيأ المباني في السلطنة كغيرها من الدول بتوفير المواقف داخل المبنى نفسه للتقليل من الاكتظاظ في الشوارع، وخاصة للموظفين والزبائن، لأن الناس تتزاحم على المواقف ويضطرون للوقوف الخاطئ بسبب عدم توفير مواقف إضافية، وخاصة أن أعداد المركبات كبيرة وتغلق الطريق على بعضها مما ينتج عنه الوقوع في المخالفات أو إلحاق الضرر ببعض المركبات. كما تطالب بأن يتم دفع رسوم المواقف التابعة لبعض المطاعم أو المراكز التجارية من هذه الجهات، لأن المواطن هو زبون لمبنى ذلك المركز أو المطعم ومن البدهي أن يقوم هو بتوفير الموقف ويتكبد رسوم الموقف لا أن يدفع المواطن رسوم وقوفه للبلدية.
توفير مواقف للموظفين
ويقول طلال البلوشي: أرى أن 90 بالمائة من المباني الجديدة غير ملتزمة بتوفير المواقف، ونقترح أن تتم تهيئة كل مبنى بتوفير مواقف سواء في الطابق العلوي أو السفلي، أو بأي شكل كان، وكذلك يجب أن تكون المواقف مجانية، ويحكي أنه كثيرا ما تعرض للمخالفات بسبب عدم توفر المواقف، وكثيرا ما أغلقوا الطريق مما تسبب بتعطله، ويطالب أصحاب المباني وخاصة التجارية بضرورة توفير المواقف في المبنى وخاصة لموظفي الشركات، لكي لا يعيقوا حركة الناس والزبائن والمراجعين في الخارج.
معاقبة المخالفين
ويشاركه الرأي حسام المسكري في أن معظم البناء الجديد غير ملتزم بتوفير مواقف للسيارات، حيث لا توجد مساحة في المبنى أو خارجه للمواقف، وحدث له أكثر من مرة أن تعرض للمخالفات لهذا السبب، كما تعطل في أحد المرات لتأخر صاحب سيارة أغلقت عليه الطريق، ويشارك البقية رأيهم في صعوبة إيجاد حلول للمباني القديمة، ويدعو البلدية لوضع المشكلة بعين الاعتبار والتخطيط والتنسيق مع وزارة الإسكان في توفير مخططات وخرائط ملزمة بتوفير المواقف يخالف عدم الملتزم بها بسحب ترخيص البناء، أو هدم بنايته ليكون عظة لغيره.
مبان مخصصة للمواقف
ويقول جوش واه هندي الجنسية: إن المباني في الأيام العادية وأوقات العمل لا تكون مكتظة بالسيارات لذلك يمكن أن يجد موقفا لسيارته، أما في الإجازات فمن المستحيل أن يجد موقفا، إن الناس تأتي للتسوق من جميع المناطق وتسد كل الثغرات مما يؤثر على حركة السير وعلى الناس الساكنين في المنطقة وكذلك تتوقف الحركة.
مشيرا إلى أن المباني الجديدة -ليست جميعها- أفضل حالا من القديمة وبعضها يوفر مواقف، وعلى الجهات المعنية معالجة الشوارع القديمة والبنايات التي لا توفر المواقف للمساعدة على التقليل من الزحام، فمن غير المعقول أن تهدمها ولكن تبحث عن حل كبناء مبنى خاص للمواقف في المناطق المكتظة والتي لا تستوعب وقوف السيارات.
التخطيط والتنسيق المباشر
توجهنا إلى بلدية مسقط لمعرفة الأسباب وكيف يتم تنظيم المواقف بالنسبة لهذه المواقف فما كان من البلدية إلا نفي مسؤوليتها حول المواقف بحكم أن موضوع تخطيط مواقع السيارات العامة ليس من اختصاص بلدية مسقط لكونه موضوع تخطيطي بحت، حيث إن بلدية مسقط في الفترة الحالية يقتصر دورها على تنفيذ وتأهيل المساحات المخصصة للمواقف من حيث رصفها وتنظيمها وإيجاد مداخل ومخارج لها على الشوارع المحيطة بها، ولكنها بادرت بطرح حلول للتخفيف من الأزمة وأشارت بصفتها جهة تنفيذية تكرس جهودها لتطبيق كافة الاشتراطات الفنية الواردة في الأمر المحلي الخاص بتنظيم المباني في محافظة مسقط إلى أنها تسعى جاهدة لمعالجة واستيضاح الجوانب التخطيطية من الجهات المعنية بالتخطيط والتنسيق المباشر والتواصل معها حول تلك الجوانب، ولعل موضوع تخصيص مواقف السيارات من أهم المواضيع التي تشدد البلدية على تطبيقها، بما يتناسب مع عدد الوحدات السكنية لقطع الاراضي لما لها من تأثيرات تنعكس بشكل مباشر على التخطيط العام لمدن المحافظة.
وأوضحت البلدية أنها تشترط على أصحاب المباني المتعددة الطوابق توفير مواقف داخل حدود القطعة سواء بالطابق الأرضي أو بطابق القبو في جميع ولايات المحافظة بحسب عدد الشقق والمحلات المتوفرة بالمبنى، عدا تلك الأراضي التي تكون مساحتها أقل من ( 800) متر مربع لأنها غير مجدية اقتصاديا، فعلى سبيل المثال الأراضي التجارية التي مساحتها (400) متر مربع لن يستطيع الاستشاري تصميم قبو أسفل المبنى بعدد المواقف المطلوبة ولا يمكنه توفير عدد مقبول من المواقف، حيث لا تتعدى المواقف المقترحة عن (10) مواقف في كثير من الأحيان مع أن المطلوب أضعاف هذا الرقم ،حيث إن منحدرات المركبات للدخول للقبو والخروج منه تأكل جزءا كبيرا من المساحة ومع وجود أعمدة المبنى فإن المساحة المتبقية لن تفي إلا لعدد بسيط من المواقف.
مضيفة: إن بعض المناطق التي تواجه شحا في المواقف يتم إجبار أصحاب وملاك الأراضي بتوفير مواقف داخل حدود القطعة حتى وإن كانت أقل من تلك المساحة بغية توفير أكبر قدر من المواقف بالمنطقة والتغلب على النقص الحاصل في العدد المطلوب توفره بالمخططات.
وتابعت البلدية أنها في الفترة الحالية بعرض قطع الأراضي المخصصة، كمواقف عامة للاستثمار بغية إنشاء مبان متعددة الطوابق لتوفير قدر أكبر من المواقف بداخل تلك المباني، وهذا بدوره سيعمل على حل أزمة المواقف بالمحافظة ولو بشكل جزئي فالبلدية تعطي موضوع المواقف جل اهتمامها في هذا الوقت آملة أن تكون هذه الخطوة أحد الحلول الناجحة لحل أزمة المواقف.
النمو السكاني والعمراني
من جانبها أكدت وزارة الإسكان أنها تأخذ في الحسبان عند إعداد المخططات بالاستعمالات المختلفة مسألة توفر مواقف مخصصة للسيارات. مشيرة إلى أن سبب الزحام هو النمو السكاني والعمراني والاقتصادي وما ترتب عليه من زيادة في عدد السيارات ظهرت مشكلة توفير أعداد متزايدة من المواقف لاستيعاب هذا النمو المطرد في أعداد السيارات، علاوة على أن العديد من أصحاب البنايات السكنية والتجارية الذين تم اعتماد خرائط البناء متضمنة توفير مساحة كمواقف للسيارات داخل حدود القطعة. وبالتالي تقوم الوزارة بعرض هذه المخططات على الجهات الحكومية ذات الصلة لإبداء ملاحظاتهم عليها مع الأخذ في الاعتبار إحرامات الطرق وتدرجها (الطرق الرئيسية – طرق ثانوية – طرق محلية – شوارع محلية – شوارع فرعية) التي تبدأ من مسافة (120 مترا) حسب التدرج ونوعية الطريق، لاستعمالها كمواقف عامة للسيارات.
وتوضح وزارة الإسكان أن أصحاب المباني لا يلتزمون بعد إتمام البناء باستخدام تلك المساحة في الغرض المخصص له (السرداب) رغبة منهم في الاستفادة القصوى من مساحة البناء ولاستغلال المساحة خارج المبنى كمواقف للسيارات رغم ان توفير هذه المواقف ضمن حدود القطعة يخدم في النهاية بناياتهم والأغراض السكنية والتجارية الذي خصصت من أجله قطعة الأرض. عليه فإن مشكلة مواقف السيارات بحسب وزارة الإسكان تتطلب تكاتف الجميع من جهات حكومية أو خاصة أو مواطنين للبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة المؤرقة للجميع.
مقترحات الإسكان
واقترحت وزارة الإسكان للتخفيف من الزحام ومنعه مستقبلا إعادة تخطيط المناطق الضيقة القديمة لإيجاد فراغات تساعد في توفير مواقف جديدة للسيارات وإيقاف تغيير استعمال الأراضي أو زيادة ارتفاعات المباني في هذه المناطق إذا كان ذلك سيؤثر على الطرق وسعتها وأماكن مواقف السيارات المتاحة حاليا تفعيلا لقرار المجلس الأعلى للتخطيط بوقف تغيير استعمال الأراضي أو زيادة الارتفاعات للمباني بهذه المناطق. أما فيما يتعلق بالمباني السكنية التي يتم تحويلها إلى تجارية فإنه يؤخذ في الاعتبار تحديد المواقف حسب الارتفاع المحدد وعدد المحلات بالمبنى وعدد المكاتب والشقق به حيث يحدد عدد المواقف المطلوبة وفق النشاط الذي يقام بالمبنى ونوعيته ويتم توفيرها من خلال إلزام صاحب المبنى للمساحات التي تزيد عن (1000 م2) بعمل (سـرداب) مواقف تحت الأرض، والتي تقل عن ذلك يتم توفير المواقف لها من خلال الارتدادات بخلاف ما هو متاح من مواقف عامة محددة بالتخطيط خاصة للاستعمالات التجارية، ويتم التنسيق في ذلك مع (بلدية مسقط – البلديات الإقليمية – بلدية ظفار).
وكذلك فإن المساحات المقترحة للمواقف في البنايات الجديدة تكون وفق مكونات المبنى حيث يشترط توفير مواقف للسيارات داخل حدود القطعة على النحو التالي: المحلات التجارية موقف واحد لكل (40 مترا مربعا) من المساحة الأرضية، ومراكز التسوق موقف واحد لكل (20 مترا مربعا) من المساحة الأرضية، والمكاتب موقف واحد لكل (50 مترا مربعا) من المساحة الأرضية، والمخازن موقف واحد لكل (100 متر مربع) من المساحة الأرضية، والمدارس الخاصة (5) مواقف لكل فصل، والعيـادات الخاصة (15) موقفا لكل عيادة تخصصـية، وموقف واحد لكل شقة (وحدة سكنية بالمبنى).
مؤكدة أن حجم المبنى ونوعيته هي التي تحدد عدد المواقف ومساحتها إضافة إلى المساحات العامة التي تخصص كمواقف عامة جانبية في إحرامات الطرق أو مخصصة كمواقف عامة لخدمة الاستعمالات المحيطة بها.
من جهة أخرى أشارت وزارة الإسكان إلى دراسة تقوم بها حاليا بالتنسيق مع المختصين في بلدية مسقط والمجلس الأعلى للتخطيط للعمل على تحديد مواقع عامة بالمناطق القائمة من خلال إنشاء مواقف عامة متعددة الأدوار لخدمة الاستعمالات المقامة بالمناطق. وشددت على أن تنمـية وتطوير الطرق والدوارات وإعادة تأهيلها وزيادة سعتها من ضمن المقترحات للحد من تزاحم حركة المرور ومواقـف السـيارات فضلا عن دراسة إيجاد أنماط جديدة لوسائـل النقل مما يساهم في تقليل الازدحام ويوفر مزيدا من مواقف السيارات.