سُجُود الدَّوَاب لِلهِ تَعَالَىفي مساء يوم من أيام عام 1967 حدث أمر عجيب في مدينة (فريولي) الإيطالية، حيث ارتفعت أصوات الطيور والحيوانات فجأة، وظهرت عليها علامات الخوف والاضطراب، وبعد ثلاث ساعات، وقع زلزال مدمر في تلك المنطقة، وقد تكرر مثل هذا الحادث في أماكن أخرى من العالم، مما أثار اهتمام العُلماء فهناك غرائز للحيوانات تزوّدها باستشعار لا يدركه البشر. وفي عام 1977 عُقد في أمريكا مؤتمر علمي لدراسة إمكانيَّة استخدام الحشرات والحيوانات في التنبؤ عن قرب وقوع الزلازل، فأقيمت أول مستعمرة من نوعها، تضم العديد من الحيوانات والحشرات، لدراسة ردود أفعالها كإشارات لكوارث ستحدث! . . نترك ما يحدث الآن ، ونعود إلى أيام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، الذي أخبرنا عن عذاب أهل القبور ، فقال: ( .... إنهُم يعذَّبون عَذابًا تسمعهُ البهائم كلها ). أما الصحابي الجليل أسيد بن الحضير، فقد كان ذات ليلة يقرأ القرآن، وكان ابنه الصغير يحيى نائمًا بالقرب منه، فلاحظ أسيد أنه كلما قرأ القرآن تحركت الفرس واضطربت، فإذا سكتَ سكنت، تكرر ذلك ثلاث مرَّات، فانصرف عن القراءة خوفًا على ابنه يحيى أن تصيبه الفرس ، ثم رفع رأسه إلى السماء فرأى ما يشبه الظلة البيضاء كان السبب في اضطراب الفرس، فلمَّا أخبر رسول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عمَّا حدث له قال: (تِلْكَ الْمَلَاْئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ). والأكثر من ذلك ما أخبر به رسول الله الكريم والذي يؤكد أن بعض الحيوانات والطيور ترى ما لا يمكن أن يراه البشر، فقد قال عليه الصلاة والسَّلام: (إِذَاْ سَمَعْتُم أَصْوَاتَ الدِّيَكَةِ فَسَلُوْا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمَعْتُم نَهِيْقَ الْحَمِير فَتَعَوَّذوْا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا). قال تعالى في الآيَة 18 من سُورة الحج : « أَلَمْ تَرَ أنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِيْ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ والشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَاْبُ .... » فاللهُ تعَالى يسجد لعظمتِه كل شَيء ، ولا يلزم أن يكون سجودها على هيئة سجودنا في صلاتنا، الله سبحانه هو الأعلم بكيفيَّة هذا السجود ، فهذِه الحيوانات التي أكَّد العلم الحديث أنها ترى ما لا نراه ، وتسمع ما لا نسمعه ، فإنها تخضع وتسجد لله بطريقة لا يعلمهُ إلا هُو عَزَّ وَجَل ، ولكننا لا نستشعرها ولا نراها، بل نؤمن بما جاء في كتاب ربنا، وما أخبرنا به الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلَّم.