معنى الحُمقِ كما قال ابن الأعرابي : الحماقةُ مأخوذَةٌ مِن حَمِقَتْ السوقُ إذا كَسَدَتْ فكأنه كاسِدُ العَقلِ والرأي فلا يُشاوَرُ ولا يُلتَفَتُ إليه في أمرٍ مُهِم. وبِها سُميَّ الرجل أحمق لأنه لا يُمَيَّزُ كلامُهُ مِن رُعونَتِه. والحمقُ غريزةٌ لا تَنفَعُ معها أيُّ حيلة، وداءٌ لا دواءَ لهُ إلا الموت!
من علاماتِ الحمقى وأخلاقِهم :
مِن خِصال الأحمق فَرَحُهُ بالكَذِبِ مِن مَدْحِهِ وتأَثُرِهِ بتعظيمه وإنْ كان غَيرَ مُستَحِقٍ لذلك.
وقيل يُعرفُ الأحمقُ بستِ خِصال :
الغضب من غير شيء
والإعطاء في غير حق
والكلام من غير منفعة
والثقة بكل أحد
وإفشاء السر
وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه
ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس .
قال أبو حاتم بن حيان الحافظ : علامة الحمق سرعة الجواب وترك التثبت والإفراط في الضحك وكثرة الإلتفات والوقيعة في الأخيار والإختلاط بالأشرار والإحمق إن أعرضت عنه أعتم وإن أقبلت عليه اغتر وإن حلمت عنه جهل عليك وإن جهلت عليه حلم عليك وإن أحسنت إليه أساء إليك وإن أسأت إليه أحسن إليك وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته.
و قد قيل "لا تؤاخي الأحمق فإنه يُشيرُ عليك ويُجهد نفسَهُ فَيُخطىء وربما يُريدُ أنْ يَنفَعَكَ فَيَضُرُّك وسكوتُه خيرٌ مِن نطقه وبُعدُه خَيرٌ مِن قُربه ومُوتُه خَيرٌ مِن حياته ".
وقال ابن أبي زياد : قال لي أبي : يا بُني الزم أهلَ العقلِ وجالِسهُم واجتنب الحمقى فإنّي ما جالستُ أحمقاً فقمتُ إلا وجدت النقصَ في عقلي.
وقيل لإبراهيم النَّظَّام : " ما حدُّ الحُمق ؟ فقال : سألتني عمَّا ليس له حدّ ".
وعن شعبة أنه قال : عقولُنا قليلةٌ فإذا جلسنا مَع مَن هُوَ أقلُّ عقلاً مِنّا ذهب ذلك القليل .
فالحمق داءٌ عُضال : إنَّ مِن أعظم الأمراض التي يُبتلى بها المرء في هذه الحياة داءُ الحمق ؛ فالحمقُ شَرٌ كُلُّه ، والأحمق عدو نَفسِه ؛ لما يُسبِبُ لنفسه مِن الضرر ، وهو كاسد العقل والرأي لا يحسن شيئًا. عن أبي إسحاق قال : " إذا بلغك أن غنيًا افتقر فصدِّقن وإذا بلغك أن فقيرًا استغنى فصدق ، وإذا بلغك أن حيًّا مات فصدق ، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلاً فلا تُصدِّق ". وقد نظم بعضهم فقال :
لِكُلِّ داءٍ دَواءٌ يُسْتَطَبُّ بِه -- إلا الحماقَةُ أعيَتْ مَن يُداويها