بسم الله الرحمن الرحيم
إليك هذه الكلمات... وقد كتبت أيد إليك وأضع أمامك هذه الأسطر وأعلم أن غيري قد سطر إليك, لقد كتبوا إليك وعنك ومداد أقلامهم لم تفتر أن يخاطبك فكاني بك تقولين ما الذي تريد وإلم ترمي؟!
أختَاهُ : إنَّ المرءَ ِمنَّا يَحتاجُ إلي لحَظاتِ تأملٍ وهُدوءٍ وقد تَعْتريهِ أوقاتٌ يَغِيبُ فِيها عَن دَاخِلهِ ويَبتَعدُ عَن رُوحِه فَيعكفُ عَلي تَرميم ظَاهِرهِ, وَمَا يَلوُحُ للناس مِنهُ وَيَنسى أو يَتَناسَى تلِكُم الروحَ الِتي بَين جَنبيه ؛ وَكَم مِن إبتسامةٍ تُخبَّىءُ َوراءهَا هَمَّاً دَفِيناً, وَكَم وَجْهٍ عَنِيتْ صَاحِبتهُ باِلأصْبَاغِ والألون كَي تَطوى صَفحة قَاتِمةً كالحةً مِن الهُمومِ وَالأحزانِ.
إنّ القلبَ لَيعتصرُ أن يَراكِ وَانتِ تَغْرقِينَ في بَحرِ الخِداع ِوالغُرور وَليسَ هُنالكَ يَدٌ حَانيهٌ تَصِلُ بك ، - بإذن مَولاهَا - إلى البرَّ الآمن .
هَلْ تَذكُرينَ - اُخيتي - وَأنتِ طِفلهٌ لاَ تَعرفينَ غِشّاً ولا خِداعاً ؛هل سألتِ عَن ذلكَ الحَياء والخَجَلِ الذَي كَانَ يُحيطكِ بِهَيبةٍ وَجَلال.
أين ذلكُم القلبُ الطَاهِرُ الذي لَمْ تَأسِرهُ شَهوةٌ, ولم يُعذِبه ُذَنب؟!
إن أشراراً مِن الّنّاسِ جَعَلوُكِ هَدفاً لِجُهودِهم .. وغَنيمةً لِحُرُوبِهم, وصَيْداً ثَمِيناً في شِباكِهم, واختَارُوا لِهَذِه الحَربِ مَيداناً غَيرَ مكشوفٍ, وأسلحةً لارِمَاحَ فيها ولا سُيوفَ, وقَدَّمُوا إليكِ سُمومَاً نَاقِعةً في لسانٍ عَذْبٍ مَعسُول.
إنها الحضارةُ تَفتح أبوبَها لكِ .
إنه القرنُ الحادي والعشرون يَحتضنُكِ .
أنت فتاةُالعصرِ فَمُدِّي لَنا يَديكِ!!! .
إبنةَ الإسلام:
لَقد استعملوا فِي حَربهم لكِ حِيلاً ومكراً عظيماً كي يَصِلوُا ألى أن يُداس الطُّهرُ والعفافُ تَحتَ أقدامِهم, وصَاروا يَعبثون بأعَراض المؤمنات التَّي صَانَها الإسلامُ ، وإذا مابَلغُوا غَايتهَم في ذِلك فهُتِكَ عِرضٌ وكُشِفَ سِترٌ وتَلوّث َطُهرٌ, رمَوا بكِ على حافةِ الطريق والتفُتوا يبحثُون عَنْ مخدُوعةٍ أُخرى!
إنَّ ربَّكِ أكرمَكِ بالحِجابِ كي تَقطعي الطريَقَ أمَام كُلِّ عابثٍ مَاكرٍ وأمَرَ الرجالَ بغضِّ الطَّرفِ عَنكِ لِتسلمَ القُلوبُ وتحيا الفضيلةُ ويَعِزَّالطُّهُرِ, وتبقين مُكرَّمةً مُبجَّلةً كما يُريدكِ الإسلامُ.
وإنَّ العيونَ الخادعةَ لتُخذَلُ وتنكسرُ إذا رأتكِ بجلبابِ الحياء وإنَّ أَماني العابثينَ لتتلاشى إذا ما رَأتْ سياجَ الفضيلةِ الحصِين.
وكمْ نَرى - اُختاهُ - في حَياتِنا منْ نهاياتٍ مُحزنةٍ ,وقِصِصٍ مُفجعةٍ لِمنْ أسلمتْ نفسها إلى وَغْدٍ لئيمٍ تَزيّنَ بزيّ الوفيّ الكَرِيمِ ، ولِمَنْ خُدعتْ بالأسلوبِ الناعمِ الرقيق حتى إذا نِيلَ من عِرضِها وقُتِلَ عَفافُها نُودي أنْ أمِيطُوا الأذى عن الطريق!
هلاَّ سألتِ نَفْسك ِلِمَ يحرصُ هؤلاءِ على أنْ تُلقي جلبابَ السترِ والحَياءِ؟.
لِمَ يمدحُونَ شَعْراًو عُيوناً وثغْراً.
لمَ يُعلقُونَ قلبكِ بسافلٍ أو سافلةٍ ويجعلوُنهم - خِداعاًلكِ - نُجوماً ومُثلاً؟!
دَعِي - أُخيتي - البهرجَ الزائفَ والأضواءَ الكاذبةَ والإعلامَ الماكرَ , واعرفي حقيقة الأُمور, وانظري حَواليكِ
كَمْ مِن أمراةٍ ذُبحَ عِرْضُها بسكينِ خِداعِهم...
وكَمْ مِن امراةٍ لا يَزالُ جُرحُها يَنزفُوهُم يتضاحكُونَ بينهم , وكم من غافلةٍ تدرَّجُوا بها في مُنحدر الرذيلة وتركوها تُعاني مرارةَ العارِ وألمَ الضَمير!
إننا نتألم عند أن نَرى كيدَ هؤلاء لكِ ومكرَهُم بكِ كي تَكُوني مَطيةً لفسادِهم, وسِلْعةً رخيصةً فِي سُوقِهم الهابِطِ.
إنهم يسعون الى تَحطيمِ كُلّ فضيلة ونُبلٍ...
وأكثرُوا لهذاالمَسْعَى السّيىء مِن طَرق الغِوايةِ والشر فلِمَ أنتِ - مع هذاْ الكيد - غَافِلةٌعمَّا يُرادُ بكِ مُنقادةٌ الى ما يُلقى إليكِ ولو كان الثمنُ دِينَكِ وعِرضَكِ؟!
إبنةَ الإسلام:
شغَلُوا فُؤادكِ بالحُبِّ والهَوى ونَعقُوا في أغَانِيهم وأشْعَارهِم بالعِشقِ والهَيام ,جَعُلوا الحُبَّ إغضاباً للرب وخُروجاً عن أمرِهِ , جَعلوه مُرُوقاً من الفضيلةِ ودعوةً إلى الرذيلةِ وصَوَّرُوه في أبشعِ صُور الغشّ والخِيانة للدين والأهْل!
فليس الحُبُّ - أختاه - خُروجاً عن أمر الله - سبحانه- ورَسُوله - صلى الله عليه وسلم- ليس الحبُّ سُفُوراً وطَرْحاً لجلباب الحياء.
ما أبعدَ الحبَّ الصادِقَ عن هَذه الصُور الكاذبةِ التي تَبثُّها إليكِ قناةٌ هابطةٌ , أو صَحِيفةٌ سامّةٌ أو أغنيةٌ ماجنةٌ!
الحُبُّ- أيتها المؤمنة - معنىً جميلٌ إذا كان وَفقَ ما أمر ربُنا- سبحانه - وشرَّعَهُ ،لكنَّ هَؤلاءِ ألبسُوا المعانيَ الجميلةَ ثيابَ قُبْحِ , ونزعُوا من على الفضيلةِ رِدَائها.
فَكم خَدعُوا بدعوى الحُبَّ مِنْ غافلةٍ وكم هَتَكُوا من سِترٍ, وكم نَالوا من عِرضٍ ,وكم مرةٍ ينتحرُ العفافُ بين أيديهم بدعوى الحُبّ!
وكَم - أيتها العاقلة - من نهايةٍ مفجعةٍ وإحتراقٍ لمسلمةٍ بدايُتها حُبٌ مزعومٌ!
أختاه: ما الذي أخمدَ صوتَ الفطرةِ الطيبةِ في دَاخِلكِ, ما الذيجَعلكِ تُسارعين لِدَاعى الهَوى تاركةً سبيل الخير والهدى؟! أين نَبتةُ الخوفِ مِن اللهِ في قلبكِ المؤمن!
إلى مَتَى تُخدعينَ بأعينٍ تَرْمُقكِ وهي أعينٌ ماكرةٌ , وإلى متى تتشوقين لسماع كلماتِ الإعجابِ وهَي سُلَّمٌ لأطماعٍ قاتلةٍ.
ارتفعي- أيتها المؤمنة - عن حَضيضِ الشَهواتِ إلى قِمَمِ الرُّوح المؤمنةِ التي ترجو ما عند الله.
ألستِ تَرين أمامكِ أخواتٍ في حُلَّة الإيمان والهيبة, هلاّ سألتِ نفسك لم تحرصُ هذه على لُبس الحجابِ لِمَ لاتُبدي يدها؟
لِمَ لا يُسمعُ صوتها, لم لاتتكسر في مشيتها .. لم تُطاطِئُ رأسها.. لم تلُفُّ حولها جلِبابَها.. لم تغضُّ عنالرجال طَرْفَهَا..
الجوابُ ابنة الأسلام إنها تخاف ربها.
وإنّي أسألكِ...
مَن التي يَهابُها الجميعُ وينكسرُ عند رُؤْيتها العيونُ حياءً.
مَن التي ينصرفُ عنها السفيهُ ويتحاشاها العابثُ.
مَن التي ترنوُا إليها الأنفسُ كَي تكونً زوجةً فاضلةً , وأمّاً مُربيةً .
أليستْ هي ذاتُ الجلبابِ والحيَاء والسِتْرِ والنَقاء.
ومن التي يجرؤُ عليها الوضيعُ, وتتبعُها الأعينُ المسعورةُ وتُلقى أمَامَها ألفاظُ الخنا والفُجور.
مَنِ التي هي محطُّ عبثِ العابثين وسَفهِ الطَائشينَ.
مَن التي يُمَنُّونها بالزواجِ وهُم ُيضمَرونَ هَتْكَ عِرضِها وكَشْفَ سِترها فتُسِلمَ لَهمُ ِزمامَ الطُّهرِ حَتَّى إذا مَضَتْ
سَحَابةُ العُمرِ وطُويت صفحةُ الشبابِ فلا عِرْضَ - ثمَّةَ- ولا زواج .
أليستْ هي من طَرحت جلبابَ الحَياء ولَبِستْ ألبسةَ التبرُجِ والشَقاء!
أيتها المسلمة:ألَمْ يَقُلْ رَبُّنَا في كِتابهِ الكريم : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} ( الأية (59) من سورة الأحزاب)
وأنتِ من نِساءِ المؤمنين اللاتي أُمرنَ بأن يُدنينَ عَليهن مِنْ جلابيبهن فَتستُرين بجلبابكِ وثِيابَكِ نفسَكِ عَن أعينِ الطَّامِعينَ وتَسْلمينَ مِنْ أن يتعرض لكِ مَنْ في قلبه مَرض.
إنه أمُرمِن الله إن كُنت تُؤمنَين به وتَخافِين عِقابهُ.
وَيَالَهُ مِن أمرٍ عظيمٍ يَغرِسُ في النَّفْسِ حُبَّ العفاف والطُّهرِ ويَسَمْوُ بها إلى سَماءِ الفضيلةَ نافرةً مُستنقعَ التبّذل والسُفُور.
أمرٌ عظيمٌ يَرفعُ قَدْرَكِ وَيُكرِمَكِ فإذا بِكِ مَرْمُوقةٌ في دِيار الإسلام مُصَانةٌ بحِمَاه.
ألم تقرئى قوله تعالى : {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ... }( الأية (31) من سورة النــور)
فما مَعنى الآية الكريمة " ولْيضربْنَ بِخُمُرهنَّ عَلى جُيُوبِهنَّ" , أي لِيشدُدن بخُمرِهِنَّ :جمع خِمار وهو ما يُخمّر به أي يُغطَّي به الرأسُ . وقوله " على جُيُوبهنَّ " يعني عَلى النحر والصَدْرِ فلا يُري منهُ شيءٌ.
ولكِ ان تسألي : كَيف تلقت الصحابياتُ هَذا الأمرَ الإلهي؟!
ياتُرى هل تَردَّدنَ..؟
هَلْ رَاجعْنَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم-؟
هَلْ قُلن إنَّ المُخَاطَبةَ بهذه الآية هي الكبيرةُ المُسنّة أمَّا الفتاةُ الشابَّة فلا..؟
هل قُلنَ لم نقتنع بَعْدُ...؟!!
لَمْ يَحصل شيءٌ من ذَلِك فَإنهنَّ - رَضى الله عَنهُنَّ - أطوعُ نساءِ الأمةِ لِربّهنَّ وَاسرعُهُن له - سبحانه - انقياداً.
فإليكِ – اختاه – مَا جَرى:
قَالتْ عَائشةُ –رَضى اللهُ عنَها – (يَرحُم اللهُ نِساءَ المهاجراتِ الأُولُ لمَّا أنزلَ الله{ولْيضربْنَ بِخُمُرهنَّ عَلى جُيُُوبِهنَّ} شققن مُرُوطهُنَّ فاختمرن بها ) وفي رواية (أخدنَ أزرهُنَّ فَشَققْنَهامِن قِبل الحواشِي فاخْتَمرنَ بِها)
والمرُوط: جمع مِرط بكسرالميم وهو كِساء معلّم من خزٍ أوصُوفٍ أو غيرذلك.
وكُنَّ – رضى الله عنهنَّ- يَشْهَدْنَ الصلاة مع رسولِ الله- صلى عليه وسلم- مُتلفعاتٍ بأكْسِيتِهِنَّ ممتثلات لأمِر ربِهنَّ.
تقُول عائشةُ - رَضي اللهُ عنها- ( كُنَّ نساءُ المؤمناتِ يَشْهَدنَ مَع رسول الِله-صلى الله عليه وسلم- صَلاَة الفجْرِ بمروطهِن ثُمَّ ينقلبْن إلى بُيوتهنَ حِيَن يَقْضِين الصلاةَ لاَ يَعْرفُهن أحدُ مِنَ الغلسِ)( رواه البخاري ومسلم).
فتاة الإسلام :
إن طهارَة القلبِ من دَنَس الشَهوةِ المُحرّمَة ونَقاوتَهُ مِنَ الخواطِر المُردِيةِ ، حَياةٌ لهُ وصَلاحٌ لأمرهِ ، لِذَا جَاءَ الإسلامُ بمنع كُلِّ سبَبٍ أو مُقدمةٍ تُفضي إلى أن يَعتلَّ هذا القلبُ أو يتكدرَ صفُو الإيمان في جَنَباتِه .
انظرِي - رَعَاك الله - إلى قولهِ - تعالى - : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }( الأية (53) من سورة الأحزاب) إلى مَنْ هَذا الخِطاب وَمَن هَؤلاءِ الذينَ يُحرَصُ على طهارة قلوبهم ؟!
إنه خطابٌ إلى صحابةِ رَسُول اللهِ - صَلى الله عليه وسلم - أهل التُقى والهُدى ..
وَقدْ مَدَحَهَم رَبُّنا في كِتابِه الكريمِ وأثنَى عَليْهم ثناءً عطراً وهُم يُخَاطَبُونَ بمثل هَذا ، ومن هُنَّ اللاتِي أُمِرنَ بِأَنْ يَكُنَّ ورَاءَ حِجابٍ ، إنهنَّ زَوجاتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنِينَ نبعُ العفافِ وواحةُ الطَُهرِ ، ومَعَ هذا قال الله { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }( الأية (53) من سورة الأحزاب) انظري بتأمُل - في قوْلهِ تَعالى - : { يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا } ( الأية (32) من سورة الأحزاب)
أمَر - سُبحانَه - نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدم الخضوع بالقَولِ وألاَّ يَتكَلَّمْنَ بكلامٍ رَقيقٍ يُطمِعُ مَنْ فِي قلبهِ مَرَضُ الشَهوةِ المُحَرَّمةِ صيانة لهنَّ وَللمُؤمناتِ بَعَدَهُنَّ مِنْ مَدَاخلِ الشيطانِ التي يَتَحرَّاها كلَّ لحظةٍ .. وَأن يُسدَّ بابُ الفتنةِ كَي لا يُخدَشَ وَجهُ الإيمانِ والطاعةِ بنزغاتِ الشيطانِ وَوَساوسِهِ !
أختاه مَا هذَا ؟!!
أمَر - سُبحانَه - بالحجابِ كَي تُكرمَي وَتُصانِي فَأَبَيْتِ إلاَّ الخروج سافرةً مُتبرجةً فكانَ الجزاءُ غُصَصَاً وأحْزَاناً
حذَّركِ - سُبحانَه - من الخُضُوع بالقول فرَقَّ أمَامَ الرِجَالِ كَلامُكِ وَلانَ حَدِيُِثكِ فَطَمِعَ مَرضى القلوبِ فِيكِ وأنتِ مَنْ فَتَحَ لهمُ البابَ لأغراضِهِم الدنيئةِ وَسهَّلتِ لهمُ سُبلَ المكرِ بِكِ .
إن الله سُبحانَه بحكمته جَعَل الرجلَ يَميلُ إلى المرأةِ والمرأةُ مائلةٌ إليهِ .. إنَّها فِطرةٌ زُرعت في أنِفسنا وجعل لها ربُّنا طريقاً سَالماً مِن الزللِ والخَطيئةِ .
طَريقاً لا عَطبَ فيه وَليس عَلى جَنبَاتِه حيّاتٌ وآفاتٌ ، طريقاً تسكُنُ فيه النفسُ وتطمئنُ ويَمتدُّ فيه حبلُ الوِدِّ مملوءاً بالرحمةِ والتحابُبِ .
إنه الزواجُ - أيتها المؤمنة - كي تَعلمي أن ديننا لم يُصادْم فطرةً أو يقاوم خِلقةً ...
إنما يَحميكِ من طُرقٍ مُهلكةٍ وسُبلٍ زائغةٍ يتسابقُ لصوصُ الأعراض في تَزيينها وتجميلِهَا بين عينيك .. !
يَقُول - تعالى - في كتابة الكريم - : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}( الأية (21) من سورة الروم)
لكنَّ الطريقَ إلى هذا الزواجِ ، والسبيلَ لاستقرارِ النفسِ وسُكونِها ليس بالتبرجِ والسُفورِ والبَحثِ وراء غرامٍ مزعومٍ .
فإنهم صَارُوا - أيتها الغافلة - يتسلَّونَ بمشاعركِ ويُخادعونَ عَواطِفَكِ ويُوهمونَكِ بصِدقِ الأحاسيسِ وإنهم لكَاذِبُون !!
يُلقُونَ شِباكَ المَكْرِ في أماكنَ شتَّى وأَيُّما مِسكينةٍ وقعتْ فيها ظنتْ أنها الأولى في حياة هؤلاءِ العابثينَ فيتلطخ العرضُ ويتساقطُ بنيانُ العفافِ وهى في ارتقابِ الزواجِ .
وتحترقُ مُهجةُ النفسِ الطيبةِ وهى تنتظرُ فارسَ الأحلامِ ويُطوى العمرُ بكآبةٍ عظيمةٍ وحُزنٍ دفينٍ والمُنتظَرُ قد انصرفَ عن حياتِها كأنه لا يعرفها !!
إنه لم يفكر لحظة أن تكوني زوجةً تَعمُرِينَ بيته وأُمَّاً تعتنين بأبنائهِ ، إنما عِرْضٌ يُثلم وصُورة تُشوَّه وتلقى على طريقِ العارِ والحَسْرَةِ !!
ألم تعلمي - بعدُ - أن المؤمنة إذا استقامت فإن الله يكرمها بالحياة الطيبةِ قال سُبحانَه : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ َعْمَلُونَ}( الأية (97) من سورة النحل)
ويتقدمُ إليها مَنْ يعلمُ قدْرهَا ومكانَتها وإذا طرقَ البابَ مُنحرفٌ عَن الِلَّه مَهْمَا كان غِناهُ ومكانته ووجاهته ردتهُ وقالت : استقم على طاعة الله .
إنها غاليةٌ بدينها وعَفَافها وحَيائِها وليس كلُّ من طرقَ البابَ يصلحُ لها ، إنها تستقيمُ طلباً لِرِضَى ربِِّها لا طلباً لزوج فإن هذا قادح في توبتها وصفاء سريرتها .
ولكِ أن تسألي مَنْ جَاوزَتْ الثلاثين أين وعودُ الزواجِ أين تلكم الأحلام ؟!
كُلٌّ أَخَذَ مِنْ عِرضِها وعَفافِها بنصيب .
فهل من إفاقة - أختاه - كفى غفلةً وسباتاً ، وإذا ما تمَّ هذا الزواجُ الذي يَبتدئُ بعلاقةٍ مُحرمةٍ فإنهُ يؤول إلى فَشَلٍ وإنهيارٍ لأنه بَدأ بمعصيةِ اللهِ والمعاصي وخيمةُ العاقبة .
فإمَّا الطلاق وإمَّا حياةُ مظلمةُ بالخِلافِ والشِقَاق .
وانظري ثم أعيدي النظرَ في الزواج الذي يبتدئ بطاعة الله فلا تبرجَ ولا سُفورَ ولا خلوةٌ محرمةٌ ولا خيانةٌ للأهل وإنما امرأةٌ صالحةٌ تخاف اللهَ يقترن بها مُؤمنٌ صالحٌ ، فما ظنك - أيتها المسلمة - بهذا الزواج إنها السعادةُ تغمُر أرجاءَه والحبُّ الصادقُ يملأُ جَنَبَاتِه وبُنيانٌ أُسِّسَ على تقوى الله .
أعجبُ لكِ - فَتاةَ الإسلام - كَيف تسلكين طريقاً ضَجَرَ منه سالكوه ودُمِّر فيه مُحبّوه وسَئِمَ الحياةَ مُحترفُوه ، إنهم يلجؤون - كي يَتَنَاسَوْا ما هُم فيه من ضيق وقلق - إلى شُرْبِ الخُمورِ وتناولِ المُخدراتِ .
فيزدادون بما يقترفون من الآثامِ هُمُوماً وعذاباً ولا تزالُ الصُّحفُ والمجلاتُ - يوماً بعد يوم - تُخْبرُ بِنِهاياتٍ مُفْجعة لمَن جَعَلُوهُم لَكَ نُجوماً وقُدواتٍ ومُثلاً فتلك الفنانةُ الشهيرةُ تموتُ في حَالةِ سُكرٍ .
وأخرى عكفت على المخدرات تَرتَقِبُ الهلاكَ ، وثالثة رَمتْ نفَسها مِن عَلى شاهقٍ .
أمَا آنَ لكِ أن تَعلمي حقيقة هؤلاءِ وأن تُميطي لِثامَ الخِداع والمَكْر عن وُجُوهِهمِ البائسةِ الكَالحةِ .
هَلْ تحسبينَ - أيتها العاقلة - أنَّ أغنية ماجنة أو مُسلسلا ً هَابطاً أو لِباسَاً فاتناً يَجلبُ سَعادةً وانشراحاً ؟!
لقد خُدعتِ - أختاه - زَمناً طويلاً فلم تزدادي في هذا الطريق إلاَّ هماً وضِيقاً .
إنَّ سَبيلَ سعادةِ النفس وإنشراحِ الصدرِ هو الإقبالُ على رَبِّ الأرض والسماءِ البَرّ الرَحِيم الرؤوف الودود القائل { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}( الأية (82) من سورة طه) والقائل سُبحانَه في الحديث : ( من تقرب منِّي شبراً تقربت منه ذراعاً ومن تقرب منِّي ذرعاً تقربتُ منه بَاعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة )( رواه مسلم عن أبي ذر)
يا أيتها الباحثةُ عن طمأنينةِ القلبِ وقد سَلكتِ سُبلاً شَتَّى ولم تَظْفَرِي بمَطلبَكِ بل ازداد القلبُ عَنَاءً وقلقاً .
قد أخبَرنا ربٌّنَا عن سبيل اطمئنان القلبِ وسَعاتِه قال الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}( الأية (2 من سورة الرعد)
ذكرُ الله - أختاه - أُنسٌ حقيقيٌ لا زيفَ فيه يرقصُ القلب بذكرِ ربهِ فرحاً وتنتعشُ الروحُ سُروراً وطرباً وما عُذِّبت قلوبٌ ولا شَقَتْ أرواحٌ ولا تَعِستْ أوقاتٌ إلاَّ بالإِعراض عَنْ ذكِر رَبِّ الأرضِ والسمواتِ قال الله في كتابه الكريم : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}( الأية (124- 126) من سورة طـه)
أختاه : هل مررت بطريقك على مسجدٍ فإن بداخله أقواماً يتنعمُونَ بسعادةٍ عظيمةٍ فهم رُكُّعٌ سجدٌ لربهم ، عزائمُ شديدة وهِمَمٌ عَالِيةٌ ، لم يركعوا لهوىً ، كلاَّ ، ولم يسجدوا لشهوةٍ بل قلوبٌ مُعلقةٌ بحُبِّ ربَّهَا - سُبحانَه - .
لِمَ أنتِ تَحرمِينَ قلبَكِ هذه السعادةَ وتُبعدينهُ عن خَالِقهِ .
لِمَ يَفُوزُ هؤلاء بنَعيمِ قُرْبِهم من رَبهّم وأنتِ وَراء سَرابِ الهَوى وَخِداعِ النفس !!
إبنةُ الإسلام:
كم مرةً تُقابلين في طريقكِ أختاً مُحَجَّبَة بيدها مُصْحفٌ تَمشي على استحياءٍ لا تتبعها عينٌ ماكرةٌ ويَخْضَعُ لخُلِقِها وأدبِهِا كُلُّ عابثٍ لاهٍ .
ألم يدفعْكِ هذا اللقاءُ إلى أنْ تسألي نفسكِ .
لِمَ أنتِ تلبسين لباساً ضَيّقاً وتضعين على وَجْهكِ أصباغاً وألوناً ؟!!
لِمَ أنتِ مسرحٌ لِكُلِّ تافهٍ هابطٍ ؟
لِمَ تصحبُ هذه مُصْحَفاً بيدها وأنتِ بِحقيبتكِ شَريطُ أغنيةٍ أو أصباغٌ تُلطِّخيِنَ بها وجهاً مظلماً من الذنوبِ أو رِسالةٌ وِدٍ زائفٍ من ماكرٍ يتسلى بمشاعركِ ويخادعُ عَواطِفَكِ .
لاتُعلِّلِي ما أنتِ فِيِهِ بأنَّك لستِ وحدكِ في هذا الطريق بلْ كَثيراتٌ اللاتي يَسلُكْنَه ....!
فهذا تعليل باردٌ لا قيمة له إذ الهدى والخيرُ يختصُّ اللهُ بِهِ مَنْ يشاءُ مِنْ عبادِهِ والكثرةُ قد ذمَّها ربٌّنَا - سُبحانَه - في كتابه حيث قال : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ }( الأية (116) من سورة الأنعام).
وقال - سُبحانَه - : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }( الأية (103) من سورة يوسف) .
يسيرٌ على المرءِ أن يسيرَ وفِقَ هَوى نَفْسِهِ إذ هى أمَّارةٌ بالسُّوء لكنَّ الفضلَ والمَدْحَ والمنزلةَ الرفيعة لمَنْ خالفت هواها وقادته إلى رضا رَبّها قال تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا }( الأية (9- 10) من سورة الشمس) وقال - سُبحانَه - : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }( الأية (40 -41) من سورة النازعات)إذ العاقلة هى التي تنظرُ في هذا الطريق الذي تسلكه ..
أحقٌ هو أم باطلٌ ؟
أهُدىً هو أم ضلالٌ وانحرافٌ ؟
أسعادةٌ هو أم شقاءٌ ؟
أيحبُّه الله أم يُبْغضُهُ - سُبحانَه - ؟
أهو طريقٌ إلى جنّاتِ النعيم أم هو سبيلٌ إلى نارِ الجحيم ؟
هذا هو ميزان العقلاء لا الكثرة والقلة فلا تنظري – أخيتي – إلى من هَلكَتْ كيف هَلكَتْ إذ هلاك المَرْءِ مُيسَّرٌ إن أطاع هواه ولكن أنظري إلى من نَجتْ من الأخوات الطيبات كيف نجَتْ ؟!
كيف استبدلت بلبُس التبرج جلباباً واسعاً .
كيف قَهَرَتْ هواها وعَكَفَتْ على كتابِ اللهِ تعلُّماً وتدبراً !
كيف صَارت طائعةٌ لِربها حريصةٌ على صَلاتِها بعد أنْ كانتْ طائعةُ لهواها مُعرضةٌ عن أمر ربِّها ؟!
كيف طاب عيشُها وانشرحت نُفسها بعد نَكِد المعاصي وَوَحْشَتِهَا !
هذا الذي يَنبَغِي أنْ يَشغَلَ فِكْرَكِ وتتأملي فيه لا أن تتعللي بأنك لستِ وَحدِكِ على هذا الطريق فمعك فيه كَثيراتٌ !!
هؤلاء الكثيراتُ هل سيدخلن القبرَ مَعكِ ؟
هل سَيُحشَرْنَ إلى أرض المحشرِ يوم القيامة مَعكِ ؟
هل سيرفقنَكِ وأنت تمشين على الصراطِ وحدَكِ ؟
هل سيدفعْنَ عنكِ حَرَّ النَّار ؟
هل ستفرحين بصُحبَتِهِنَّ وأنتِ بين يدي العزِيزِ الجبّارِ ؟
انظري ماذا يقول ربٌّنَا في كتابه الكريم : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا }( الأية (27 - 29) من سورة الفرقان).
ويقول سبحانة وتعالى : { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }( الأية (67) من سورة الزخرف).
تنقلب – أختاه – علاقاتُ الدُنيا الزائفة في ذلكم اليوم العظيم إلى عدواةٍ .
كلُّ واحدةٍ تبرأ من الأخرى وتُلقي باللائمةِ عَليها ..
أنتِ التي عَلمتِني هذا اللباس ..
أنتِ التي أسْمعتِني هذه الأغنية ..
أنتِ التي عَرَّفتني على فُلان وفُلان..
والأخرى تقول : بلْ أنتِ !! في نزاعٍ شديدٍ وخِصامٍ عنيفٍ.
لكنَّ التقيات الصالحات اللاتي اجتمعنَ على طَاعةِ الله .
اجتمعن على الخير والهدى .
كلُّ واحدةٍ تُسرُّ بأخْتِها وتفرحُ يوميذٍ برِفْقَتِها .
إنها تنتظر ذلكم النداءَ العظيمَ من ربَّها ( أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يومَ لا ظلَّ إلا ظلِّي )( رواه مسلم عن أبي هريرة) .
إبنةُ الإسلام:
هل ذُقتِ طعمَ الإيمان وحَلاوتهِ لحْظة ؟
هل شَعَرتِ بإنشراحِ الصدرِ وطُمأنِينةِ الفُؤادِ يَوماً قال نبينا – صلى الله عليه وسلم – " ذاقَ طعمَ الإيمان مَنْ رَضِىَ باللهِ ربَّاً وبالإسلامِ ديناً وبمُحمدٍ صلى الله عليه وسلم نَبياً "( رواه مسلم).
ويقول - صلى الله عليه وسلم – ( ثلاثٌ من كنَّ فيه وَجَدَ بِهنَّ حلاوة الإِيمانِ أنْ يكونَ اللهُ ورسولهُ أحبَّ إليهِ مِمَّا سِوَاهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)( رواه البخاري ومسلم).
يؤسفني أن أقول – أختاه – إن هناك حياةً كريمةً وسعادةً حقيقية لم تَسْلُكِي – بعدُ – الطريقَ إليها إن هنالك عيشاً هانئاً جميلاً لم تذوقي طعمهُ بَعدُ .
إنكِ شُغلت بزهرةِ الدُنيا وهى خِداعٌ وغرورٌ وسَلكت طُرقاً بحثاً وراءَ سعادةٍ وسُرور ، بِمَ عَادت مَنْ سَلكتْ هذه الدروبَ قبلكِ وأيُّ شَئٍ ظفِرتْ بِه !؟!
كيف أسلمتِ عواطفكِ ومشاعِرَكِ لمن خَلَوْا من مشاعرَ وأحاسيسَ فأنَتِ عِندهم وَطرٌ يُقضى ثم قُمامةٌ تُلقى !
أختاه : الطمي الشيطان بالتوبةِ الصادقةِ على وَجْههِ وألقيه على قَفَاه وسارِعِي إلى الرءوف الرحيم فإنه لا يَردُّ مَنْ أتاه صادقاً ولو بلغت ذُنُوبُه عنانَ السَماء ..
لو أُغلقت كلُّ الأبوابِ فإن بَابَه لا يُغلق .
انطرحي بين يديه ولتذرف العينان على ما فرطتِّ من أمره – سُبحانَه – وأصدقي في دعائك له .
هنالك تشعرين بأنك مُولودٌ جديدٌ يسمو بُروحِه في سَماءِ الإيمان والطاعة .
هنالك تشعرين بأن أُنساً جَميلاً كان غائباً عَنكِ فيطيبُ لكِ العيشُ ويَغمرُ النفسَ إنشراحٌ يَمنُّ به اللهُ على مَنْ أقبل مِن عباده .
هنالك تعرفين مقدار ما فات من العمر ..
والله – أختاه – لم تخلقي لهذا العبث ولا أن تكوني سلعةٍ هابطةٍ ولا أن يُتاجَرَ بكِ .
إنَّكِ الإبنةُ الفاضلةُ والزوجةُ الصَالحةُ والأمُّ المريبةُ .
إنك تنتمين إلى قِممٍ في الفضلِ شاهقة .
ألست حفيدةَ عائشة وفاطمة وخَديجة وزينبَ ورُقية وأسماءَ .
لست تنتمين إلى مُغنيةٍ فاجرةٍ أو مُمثلةٍ تافهةٍ لا وربي إنَّ لكِ مجداً عظيماً وسيادةً رائقة وتاريخاً مشرقاً فلِمَ تنقادينَ وراء قماماتِ حياتهم الهابطة .
فإلى الحجابِ بعد لُبسِ التبرج والسُفُور .
وإلى القرآن بعد أغاني الخنا والفجور .
وإلى الصَلواتِ بعد عُكوفٍ على مُتابعةِ التافهينَ في القنوات .
وإلى رفقةِ الأخواتِ الصالحاتِ بعد تأسٍّ بالحائرات الضائعات ، وعند ذلك ستهتفين بصوت عَالٍ " إنني لم أعشْ إلاَّ الآن ، إنني لم أتذوق طعمَ الحياةِ الطيبةِ الكريمةِ إلاَّ الآن ،كم كنت غافلة حائرةً " .
أيتها التائبة
مهما بلغتْ ذُنوبكِ ...مهما كانت سيئاتُكِ فالله بَرٌّ رحيمٌ .
ألم يَقُلْ سُبحانَه : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }( الأية (53) من سورة الزمر) فلا تقنطي من رحمة الله واحذري أن يُثبِّطكِ الشيطانُ بأنكِ فعلتِ وفعلتِ..
قولي : رحمةُ ربي أوسع من ذنوبي وإذا صَدقتِ مَع اللهِ وأقلعتِ عن ذنبكِ وعزمتِ على ألاَّ تعودي إلى ذلكم الماضي المُظِلم قال تعالى: { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }( الأية (70) من سورة الفرقان)
البسي جلباباً واسعاً يُعلنُ للجَميع بداية عُمُرٍ جَديدٍ واقطعي حِبالَ الودِّ الزائفِ من رَفيقةٍ وصديقٍ وأقبلي على صلاتكِ داعية باكية لربِّ العالمين ولتخطُ قدماكِ إلى بُيوت اللهِ فهُنالِكَ طيبُ العَيْشِ واصرخي في وجه كُلِّ داعٍ للهوى والسُفورِ أن كُفَّ كَيْدكَ فليس لكَ علىَّ سبيل !
وتذكري - ابنة الإسلام - كم تحت التراب مِنْ فتاةٍ كانت تكشفُ شَعْرَها وتميلُ في مِشيتِها وتملأ أجواءَ المكان بِعطْرها .
كم تحت التراب من امرأة باغتها الموت وهى على سماع أغنية أو لبسة ضيقة أو في رفقةٍ سيئةٍ .
كم تحت التراب من إمرأةٍ لم تُبال بأمرِ رَبّها .
لم تلبس جلباباً ولم تغضَّ عن الرجال طرفاً ولم تَكفَّ عن المسلمينَ فتنةً وشراً فها هى – الآن – وحدها في ظلمةٍ ووحشةِ تِلْكُم الحفرة
وكأني بها تنادي :
هَلْ مِن سَبيلٍ للرجوع .....؟
هَلْ من سَبيلٍ كي أعود لأُلقى بألبسةِ التبرج والسُفُور إلى حيثُ لا أرَاها هَلْ من سَبيلٍ كي أُحطِّم قارورةَ العِطْرِ التي كُنتُ أتعطرُ منها إفتاناً للرجالِ وإرضاءً للشيطان وإغضاباً للرحمن .
هَلْ من سَبيل للرجوع لأدفع - وبشدة - كُلَّ مَنْ أقبلتْ نحوى مِنْ رفيقات السُّوء بائعات الهوى المضلات عن الحَياءِ والهُدى .
هَلْ من سَبيل كي أصلح ما أفسدت .
هَلْ من سَبيل كي أكونُ مُحَجَّبةً صالحةً .. قارئةً للقرآنِ تالية .
هَلْ من عَودةٍ فلقد وجدتُ - أيتها الغافلات - ما وعد ربي حقاً !
لقد تعذَّر هذا وَلن تُجْدِيَ هذه الحَسَراتُ .
هِىَ – اليومَ – رهْنُ ما عملت وأسيرةُ ما قدَّمت ...
فشمّري أختاه عَن سَاعدِ الطاعةِ للهِ واغتنمي أنفاسَ العمر قبل انقضائها وتيقظي قبل ندامةٍ لا تُجدي وحَسْرَةٍ لا
تنقطعُ ..!!
اقطعي على المُغرضِينَ ولصُوص الأعراض طريقهم فهُم قد احترقوا بالمعاصي والفُجور ويريدون منكِ أن تحترقي مِثلهُم .
مُحبة الخير :
ضَعِي ذلكم الماضِي المظْلِمَ وصُوَرَهُ البائِسة تحت قدم العَزيمةِ الصَّادقةِ .
واصرفي عَنْكِ وَسَاوِسَ الشيطان بتلاوةٍ للقرآن وتسبيحٍ واستغفار وارمي بأشرطةِ الغناءِ وألبسةِ التَّبرُّجِ والشقاءِ ومجلاتِ الهابطين على وجوه دعاةِ الفسادِ وقولي لهم هذه بضاعتكم الآثمة أُلقيها على وُجوهِكم فقد بصرني ربي سبيل السعادة الحقيقية .
سأقبلُ - بإذنه سُبحانَه - على تلاوة القرآن وحفظه .
سأقبلُ - بإذنه سُبحانَه - على طلب العلم والتفقه في الدين .
سألتمسُ الأخواتِ المؤمناتِ الصالحاتِ ..
سأتطلعُ إلى المعالي من الأمور وأَضرب بسفاسفها عُرْضَ الحائطِ .
ما هى أختاه إلاَّ قفزةٌ صادقةٌ إلى رحابِ الخَيرِ .
واندفاعٌ صادقٌ إلى العودة إلى ربِّ العالمين بعد شُرُودٍ عن سبيلهِ
كلَّ يومٍ أختاه تزدادين محبةً لطريق الهُدى ورغبةً في الاستزادةِ من الخيرِ .
وعندها تعلمينَ أني قد صدقتكِ وكنتُ لكِ من الناصحين .
أختاه : هل أقول : هنيئاً لكِ التوبةُ إلى الله .
هل أقول : هنيئاً لكِ حياةُ الإيمانِ والطاعةِ .
هل أقول : هنيئاً لكِ عُمرُكِ الجديد ، إنني أرجو ذلك .
إني لَحَسنُ الظن بكِ إنَّكِ لستِ مِمَّنْ تُلقي بهذا النُّصح وراء ظهرِها .
لستِ ممن تلهي عن هذه التذكرةِ والموعظةِ .
بل أنتِ مِمّنْ تَسُوقُها هذه الكلماتُ إلى ربِّها .
وتُزيحُ حِجَابَ الغَفْلةِ مِن أمامِهَا – بإذن ربِّنَا .
فهذا هو الطريقُ لِمَنْ أرادت حياةً طيبةً وأخرى في جَنَّات النعيم .
هذا هو الطريقُ لِمَنْ أرهقَها البحثُ عن طريق السعادةِ .
هذا هو الطريقُ لِمَنْ سَئمَتْ الغشَّ والخِداعَ ولِمَنْ عُذّب قَلبُها بالبُعد عن الله .
هذا هو الطريقُ وليس هنالك طريقٌ آخر.
إلهي ...... افتح لهذهِ الكلماتِ قلوبَ المؤمناتِ وخُذْ بأيديهنَّ إلى سَبيلِ طاعَتِكَ فينطلقن بعزمٍ لِمحو ذلكم الماضِي السَّيّئ بحاضرٍ مُشْرِقٍ بالإيمان والطَاعة .
أيقظْ قلوبَهُنَّ – ربَّاه – لمعَرفةِ كَيْد ومَكْر أعداءِ الإسلامِ .
أولئك الذين يُخِادعون قلوباً بريئة ويَمكُرون بأنفسٍ نشأت على الطُّهرِ والحياءِ .
إلهي : ليس لِمَا كَتبتُ أثرٌ إن لمْ تُحِطْهُ بتوفيقٍ مِنكَ وسَدادٍ وليس لِمَا بَذَلْتُ ثَواباً إن لم تمنّ بإخلاصٍ لِوجهكَ الكريم .
فأسألك توفيقاً وإخلاصاً واجعل – إلهي – فيما كتبتُ للمسلمات هدايةً وسَداداً واعف عنَّا اللهم وعنهنَّ بِفَضْلِكَ وجُودِكَ إنك البرُّ الرَّحيمُ .
تفنى اللذَاذَةُ مِمَّنْ ذَاقَ صَفْوَتَهَا
مِنَ الحَرَامِ وَيَبْقى الإثُم وَالعَارُ
تَبْقى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا
لاَ َخْيَر فِي لَذَّةٍ مِن بَعْدِها النَّارُ
وصلى الله على نبينا مُحمدٍ وعلى آلهِ وصَحْبِه وسلَّمَ تسليماً كثيراً